عمر بن أبي ربيعة
ليت هنداً
لَيْتَ هِنْداً أَنْجَزَتَنا ما تَعِدْ
وَشَفَتْ أَنْفُسَنا مما تجَِدْ !
واسْتَبَدَّتْ مَرَّةً واحِدَةً
إِنَّما العاجِزُ مَنْ لا يَسْتَبِدْ
غادَةٌ يَفْتَرُّ عَنْ أَشنَبِها
حينَ تَجْلوه ، أَقاحٍ أو بَرَدْ
وَلَها عَيْنان في طَرْفيهِما
حَوَرٌ مِنْها ، وفي الجيدِ غَيَدْ
طَفلةٌ باردةُ القَيْظِ إِذا
مَعْمَانُ الصَيْف أَضْحى يتَّقِدْ
ولقدْ أَذْكُر، إِذْ قُلْتُ لَها
وَدُموعي فَوْقَ خَدي تَطَّرِدْ
قلتُ : مَنْ أَنْتَ؟ فقالَتْ : أَنا منْ
شَفَّهُ الوَجْدُ، وأَبْلاهُ الكَمَدْ
نحنُ أَهْلُ الخَيْفِ ، مِنْ أَهْلِ مِنى
ما لِمَقْتولٍ قَتَلْناه قَوَدْ
قلتُ : أَهْلاً، أَنْتُمُ بُغْيَتُنا
فَتسَمينَ ؟ فَقَالَت: أَنا هِنْد
إنما أَهْلُكِ جيرانٌ لَنا
إِنَّما نحن وَهُم شيءٌ أَحَدْ
حدَّثُوني أَنَّها لي نَفَثَتْ
عُقَداً، يَا حَبَّذا تِلْكَ العُقَدْ
كُلَّما قُلْت : مَتَى ميعادُنا ؟
ضَحِكَت هندٌ: وقَالَت: بَعدَ غَدْ !
------------------------------
ياظبيةَ البان
يا ظَبْيةَ البانِ .. تَرْعَى في خمَائِلهِ
لِيَهْنَكِ اليومَ أَنَّ القَلْبَ مَرْعاكِ
الماءُ عندكِ مَبْذولٌ لِشارِبِه
وليسَ يُرْويكِ إِلاَّ مَدْمَعي الباكي
هَبَّتْ لنا مِنْ رِياحِ الغَوْرِ رائِحَةٌ
بَعْدَ الرُّقَادِ، عَرَفْناها بِرَيَّاكِ
ُثمَّ انْثَنيْنا إذا ما هَزَّنا طَرَبٌ
على الرِّحالِ تَعَلَّلْنا بذكْراكِ
سَهْمٌ أَصابَ وَراميهِ بِذي سَلَمٍ
مَنْ بالعراقِ، لقَدْ أَبْعَدْتِ مَرْماكِ
وَعْدٌ لِعَيْنيكِ عندي ما وفَيْتِ بهِ
ياقُرْبَ ما كَذَبتْ عينيَّ عيناكِ
حَكَتْ لِحاظُكِ مافي الرِّيمِ مِنْ مُلَحٍ
يَوْمَ اللقاءِ، فكانَ الفَضْلُ لِلْحاكي
كأَنَّ طَرْفَكِ يَوْمَ الجِزْعِ يُخْبِرُنا
بما طَوىَ عنكِ من أَسْماءِ قَتْلاكِ
أَنْتِ النَّعيمُ لِقَلْبي والعَذَابُ له
فما أَمَّركِ في قَلْبي وأَحْلاكِ !
عندي رسائلُ شوقٍ لستُ أَذْكُرُها
لولا الرقيبُ لَقَدْ بَلَّغْتُها فاكِ
سَقَى مِنىً ، وليالي الخَيْفِ ما شَرِبَتْ
مِنَ الغَمام ، وحَيَّاها وحَيَّاكِ !
إِذْ يَلْتقي كلُّ ذي دَيْنٍ وماطِلُهُ
مِنَّا ، ويَجْتمعُ المَشْكُوُّ والشاكي
هامَتْ بكِ العَيْنُ لم تَتْبَعْ سِواكِ هَوىً
مَنْ عَلَّمَ البَيْنَ أَنَّ القلبَ يَهْواكِ
------------------------------
ابن زيدون
يجرح الدهر وَيأسُو
ما على ظَنِّي بَاسُ
يَجْرَحُ الدهرُ ويَاسوُ
ربما أشرف بالمرء
على الآمال ياسُ
ولقد يُنْجيك إغفال،
ويُرْدِيكَ احتراس
والمحاذيرُ سِهَامٌ
والمقاديرُ قياس
وَلَكَم أجدى قُعودٌ
ولَكَم أكْدَى التِماس
وكذا الدهرُ ، إذا ما
عَزَّ ناسٌ ، ذَلَّ ناسُ
وبنو الأيام أخْيافٌ :
سَراةٌ وخِسَاسُ
نَلْبَسُ الدنيا ، ولكن
مُتْعَة ذاكَ اللباس
أبا حَفصٍ ، وما ساواكَ
في فَهْمٍ إيَاس !
من سَنَا رأيكَ لي في
غَسَقِ الخطْبِ اقتباس
وودادي لك نصٌ
لم يُخَالِفْهُ قياسُ
أنا حَيْران ، وللأمر
وضوحٌ ، والتباس
ما تَرى في معشرٍ ..
حالوا عن العهدِ وخاسوا
كلُّهم يسأل عن حالي ،
وللذئبِ اعتساس
إن قسا الدهرُ فللماءِ
من الصخر انبجاسُ
ولئن أمسيتُ محبوساً ،
فللغيثِ احتباس
يَلْبُدُ الوَرد السَّبَنتى
وله بَعدُ افتراس
فتأمَّل كيف يَغشى
مقلة المجدِ النعاس !
ويُفتُّ المسكُ في
التربِ ، فَيُوطَا ، ويدَاس
لا يَكُنْ عهدكَ ورداً
إنْ عهدي لكَ آس
وأدر ذكريَ كأساً
ما امتطَت كفَّك كاس
واغتنم صفوَ الليالي
انما العيشُ اختلاس
وعسى أن يسمحَ الدهرُ ،
فقد طالَ الشماس !
--------------------------
الشاب الظريف
لا تُخف ما فعلت بك الأشواق
واشرح هواك فكلنا عشاق
فعسى يعينك من شكوت له الهوى
في حمله فالعاشقون رفاق
لا تجزعن فلست أول مغرم
فتكت به الوجنات والأحداق
واصبر على هجر الحبيب فربما
حان الوصال وللهوى أخلاق
كم ليلة أسهرت أحداقي بها
ملقى وللأحداق بي أحداق
يارب قد بَعُدَ الذين أحبهم
عني وقد ألف الرفاق فراق
عرب رأيت أصح ميثاق لهم
ألا يصح لديهم ميثاق
وعلى النياق وفي الأكلة معرض
فيه نفار دائم ونفاق
ما ناء الا حاربت اردافه
خصراً عليه من العيون نطاق
ترنو العيون اليه في إطراقه
فإذا رنت فلكلها إطراق
-------------------------